منوعات

التريليونير الحرامي …وبائعي الوهم

قصة يكتبها: عادل العادل:

هل رأيت يوماً مليونير “حرامي “؟ قد يرتبط اسم الحرامي بالمليونير أو الملياردير أو حتى التريليونير، الأمر له علاقة بالدرجة الأولى بالأخلاق، أسمى الصفات وأرقاها والموصوف بها سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من رب العزة في قوله “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ”.

كم من فقير تربى على عزة النفس ورفعتها لو وجد الذهب ملقى أمامه في الرمال يأبى أن يأخذه. وكم من محتاج تمنعه أخلاقه أن يتعدى على ما ليس له أو يطفف الميزان أو يبخس الناس أشيائهم أو يغش أو يخدع أو يسرق بغير حق أو يدلس أو ينصب.

في المقابل تجد ملياردير “نصاب، وحرامي، ويكيل بمئات المكاييل”، يغش في البنيان التي تأوي الأرواح ليعظم ثرواته وإيراداته مقابل مئات الأرواح يمكن أن تذهب في لمح البصر.

كم تساوي كنوز الأرض مقابل إزهاق روح مع سبق الإصرار والترصد؟ إنها جريمة ترقى إلى القتل العمد، فطالما تاجر أو مقاول تواطئ وغش ودلس وتطاول في البنيان، قاصداً جمع الثروات الحرام وزرع قنابل موقوتة خادعاً بها الجميع حتى تنفجر يوماً ما، فليس من أسس أعماله على تقوى كمن أسس أعماله على باطل، وهذا ليست مقولات بشرية وقوانيين وضعية أو حكم فلسفية أو اجتهادات علمية ، بل قول الخالق للبشر والحجر العالم ببواطن الأمور وما تخفي الصدور فقال وحقٌ قوله  “أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ “

بين أن الباني بنيانه على الغش والخداع والتدليس والنصب والاحتيال كمن ينصب كمائن القتل والتدمير وحصد الثروات الحرام. تجد عشرات المهوسين “بنهم” تجميع المال الحرام، وهم كثر وأشكال وألوان، تجدهم كالوجهاء لكنهم غير ذلك في الحقيقة، فالحرامي موصوم بالعار حتى وإن كان الجميع يراه نموذج يتمناه، لكنه في قرارة نفسه داخلياً قزم أمام ذاته الدنيئة، لما لا وهو الوحيد الذي يعلم أكثر من غيره ما ارتكبه من ألاعيب وغش وجسور اجتهد في تشييدها ورقياً كي يلتهم هذا الأصل أو ذاك.

متى “تمتلئ” هذه البطون؟ أليس لها نهاية أو قاع؟ كيف تتسع لهذا المال الحرام؟ وماذا ستفعلون به؟

التدليس ليس مقتصراً على حرامي العقارات، بل في كل جنب وفي كل ركن وفي كل كيان تجد لصاً متخصصاً ماهراً بارعاً، ومن السخرية في ذات الوقت واعظاً.   

ناهبي الأصول الحرام، كم دكتور وكم وجيه وكم سليل لعائلة وكم رئيس وعضو منتدب وكم لئيم يحسب نفسه ذكياً بالهندسة التي يمارسها بهدف التهام الأصول بطريقة قانونية لا تدينه؟ كم من عملية تشهد عليها دفاتر الصفقات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؟ كم أخذتم من “جيوب” الصغار لملئ خزائنكم زوراً وبهتاناً. كم من آثم انتزع أصل أو نقله من هذا إلى ذاك أو اشترى صورياً بربح طفيف لتمرير هذه الصفقة بفتات الربح ليجني غدا ملايين منها.

كم جريمة ارتكبت ببيع أصول مسمومة على ظهور المساهمين لكيانات عامة؟ والعكس، كم من أصول جوهرية ودرر تم انتزاعها لحسابات شخصية؟

كم خادم سهر على تفتيت مواد القانون واللعب على أوتاره وثغراته ليمرر صفقات أسياده غير عابئ بحجم الجرم والذنب الذي اشترك فيه؟

آكلي مال الأفراد والصغار، لن تنفعكم كل كيانات الدنيا لتتواروا خلفها، ولن تنفعكم كل عقارات الأرض لو سجلتموها بأسمائكم وانسحبتم بعيداً لاستكمال مباراة اللعب والتمادي، ستقفون حفاة عراة بلا مال أو عقار، لن يشفع لكم دلال أو مرسال أو بارع أو محتال.

اجتهدتم في التدليس والتزييف وحشدتم أبواق محلية وإقليمية وعالمية لالتهام أصول شرعية، وخدعتم المسؤولين كبيراً وصغيراً، تحاولون عبثا إثبات أن الخطأ صواب، ولكن عجلة الزمان ودولاب الأيام لكم بالمرصاد، كيف لا والله جل جلاله هو القائل، ” إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ”. لقد دلستم وتناسيتم قول الحق سبحانه وتعالى “يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله وَهُوَ مَعَهُمْ”، فأفيقوا من ثباتكم وأعيدوا الحقوق لأهلها وكفاكم ما التهمتم من بلد طيب وأهل أطيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى