من وول ستريت إلى بكين… لماذا يدعو راي داليو للاستثمار في الذهب واليوان؟

الناس اليوم تعيش حالة قلق من المستقبل الاقتصادي. الكل يسأل: هل الدولار سيبقى قويًا؟ هل العملات الكبرى ما زالت آمنة؟ وأين يمكن أن نحافظ على قيمة أموالنا؟ في هذا الجو المليء بالشكوك، يطل الملياردير الأمريكي راي داليو، مؤسس شركة بريدج ووتر أسوشييتس، برسالة واضحة: لا تضعوا ثقتكم المطلقة في العملات الورقية، بل وزّعوا استثماراتكم، وخذوا الذهب واليوان الصيني على محمل الجد.
لماذا يشكك داليو بالعملات الورقية؟
داليو يرى أن العملات الكبرى مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني لم تعد قادرة على لعب نفس الدور التاريخي كمخزن للقيمة. السبب بسيط لكنه خطير: الديون الحكومية تتضخم بشكل غير مسبوق، والإنفاق الحكومي يرتفع بشكل يضعف قدرة هذه العملات على الصمود.
ويشير تحديدًا إلى أمريكا واليابان وفرنسا كأمثلة صارخة على دول تغرق في مستويات ديون عالية، وهو ما يهدد الثقة المستقبلية في عملاتها.
ماذا يقترح للمستثمرين؟
الرسالة التي يوجهها داليو ليست معقدة:
1- الذهب يجب أن يشكّل 10% من المحافظ الاستثمارية: برأيه، الذهب ليس مجرد معدن، بل هو ملاذ آمن يحافظ على القيمة في وقت الأزمات.
2- تنويع الأصول: عدم الاعتماد فقط على الدولار أو أي عملة ورقية، بل النظر إلى بدائل مثل المعادن الثمينة والعملات الرقمية.
3- المرونة في التفكير: لا أحد يضمن أن الدولار سيبقى مهيمنًا كما كان في العقود الماضية، لذلك من الحكمة أن يستعد المستثمرون لسيناريوهات جديدة.
الدولار يتراجع… واليوان يصعد
ورغم أن الدولار ما زال العملة الأولى عالميًا، يتوقع داليو أن مكانته ستتراجع تدريجيًا. في المقابل، اليوان الصيني بدأ يكسب أرضًا جديدة في التجارة العالمية، خصوصًا مع إصرار الصين على إبرام صفقات دولية تعتمد على عملتها بعيدًا عن هيمنة الدولار.
هذا التحول، من وجهة نظر داليو، ليس مجرد توقع، بل نتيجة طبيعية لتغيّر موازين القوى الاقتصادية عالميًا.
أرقام تؤكد التحولات
الأرقام الأخيرة تجعل الصورة أوضح:
-الدولار الأمريكي خسر حوالي 10% من قيمته منذ بداية 2025.
-الذهب والفضة حققا قفزة تاريخية بنسبة 40% خلال نفس الفترة، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين فيهما كملاذات آمنة.
-البيتكوين ارتفع سعره بأكثر من 20% منذ بداية العام، ما يثبت أن العملات الرقمية أصبحت جزءًا من المعادلة الاستثمارية الجديدة.
هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات، بل دليل عملي على أن السوق بدأ بالفعل يعيد ترتيب أولوياته.
أزمة النظام النقدي العالمي
تحذيرات داليو تضعنا أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: النظام النقدي العالمي الذي وُلد بعد الحرب العالمية الثانية، بقيادة الدولار، يواجه اليوم أزمة ثقة.
-الديون تتراكم بوتيرة أسرع من قدرة الدول على السداد.
-الأصول البديلة، كالذهب والبيتكوين، لم تعد ترفًا، بل ضرورة.
-الصين تعمل بخطوات مدروسة لجعل اليوان جزءًا أساسياً من التجارة والتمويل العالمي.
هذا يعني أن العالم يتجه نحو نظام مالي أكثر تنوعًا، حيث لا يكون الدولار وحده سيد الموقف.
الخلاصة: كيف نتعامل مع هذا الواقع؟
نصيحة داليو للمستثمرين أقرب إلى خريطة طريق لمستقبل غامض:
-لا تعتمدوا فقط على العملات الورقية.
-خصصوا جزءًا من استثماراتكم للذهب والمعادن الثمينة.
-تابعوا تحركات اليوان الصيني والعملات الرقمية، لأنها ستكون جزءًا أساسيًا من المرحلة المقبلة.
العالم يتغير بسرعة، والفرصة اليوم هي في الاستعداد لا في الانتظار. من يلتقط هذه الإشارات مبكرًا قد يخرج رابحًا من الأزمات المقبلة، ومن يتجاهلها قد يجد نفسه يدفع الثمن لاحقًا.