تقاعس القطاع الخاص عن تحقيق التنمية

المادة «20» من الدستور تقول “الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الإنتاج، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون.
إن هذه المادة من الدستور واضحة المقاصد والأهداف في دور النشاط الخاص في الاقتصاد الوطني بالتعاون مع النشاط العام لتحقيق التنمية الاقتصادية وفي زيادة الإنتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين، ولكن هل حقق النشاط الاقتصادي الخاص دوره كما رسمه دستور الكويت؟ إن معظم الدول الناجحة في تنميتها الاقتصادية تعتمد على القطاع الخاص في أخذ دور طليعي في تحقيق الأهداف المطلوبة والمرسومة في خطط التنمية، ما عدا الكويت فالتنمية الاقتصادية منوطة بالدولة، وهي تقوم بالصرف والإدارة على خطط التنمية، أما القطاع الخاص فليس له دور غير أنه مقاول لمشاريع الحكومة، أي أنه لا يأخذ المخاطر في الدخول الحقيقي بعملية التنمية من المشاركة الحقيقية بأموال، ووضع إداراته المطلوبة لإنجاح مشاريعه. إن القطاع الخاص تخلى عنه دوره المهم في الحلول محل الحكومة في تملك وإدارة معظم القطاعات الاقتصادية والخدمية، واكتفى بتشجيع الحكومة على الصرف على خطط التنمية ليأخذ نصيبه من المشاريع كمقاول يأخذ العمولة وليس له دور حقيقي وفعال في المشاركة في عملية التنمية، وهو يترك تملك وإدارة تلك المشاريع للدولة، مما خلق كثيراً من المشاكل لتلك المشاريع وتسبب في تأخرها بسبب فساد وعجز الإدارة الحكومية وعدم قدرتها على إدارة تلك المشاريع، لذلك فالقطاع الخاص مع قدرته المالية ونفوذه السياسي في الدولة لم يعمل بما يمليه عليه الدستور في المطالبة بالمشاركة الحقيقية في تملك وإدارة المشاريع، وصار القطاع الخاص غير مهتم بذلك وكل ذلك بسبب قلة من له مصلحة ضيقة باحتكار كثير من السلع والخدمات، وتشجيع القوانين التي تكرس الاحتكار ممن وضع البلد بين فشل الحكومة وجشع الطبقة التجارية التي أدارت البلد لغير مصلحة البلد، وصرنا في حالة تخبط عجيبة، وتشريع قوانين تخدم مصالح خاصة بدل خدمة مصالح الاقتصاد الوطني، وصار الأخذ أكثر من العطاء من دون رحمة ورأفة بهذا البلد المعطاء. إنها أنانية مفرطة لحد الغثيان، وصار المجتمع يتلوى بنار ذلك الفشل والهدر في المال العام من دون تحقيق أي أهداف مهمة للاقتصاد الوطني. إنها مأساة حقيقية يعيشها المجتمع الكويتي، والخوف كل الخوف على مستقبل أولاده. إنها مسؤولية قيادة الطبقة التجارية في مشاركة الحكومة في عملية التنمية الحقيقية، وذلك بترك دور المتفرج على عملية التنمية التي تديرها الحكومة لوحدها من دون الاعتراض، وفرض دوره على الحكومة كما رسمه الدستور في مادته الـ «20» في التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص. إنها مسؤولية تاريخية يتحملها القطاع الخاص، ولن يرحمه المجتمع من عدم تحقيق متطلباته ومتطلبات أجياله القادمة. إن القطاع الخاص لديه فرصة لإصلاح ذلك الضياع، إذا أراد، وتحقيق أمنيات هذا البلد الطيب.
والله المستعان..
حامد السيف.